فإنه جمع قبة على قبب وذلك من المستبشع الكريه والأحسن المستعمل هو قباب لا قبب وكذلك يجري الأمر في غير هذا .
ومن المجموع ما يختلف استعماله وإن كان متفقا في لفظة واحدة كالعين الناظرة وعين الناس وهو النبيه فيهم فإن العين الناظرة تجمع على عيون وعين الناس تجمع على أعيان وهذا يرجع فيه إلى الاستحسان لا إلى جائز الوضع اللغوي .
وقد شذ هذا الموضع عن أبي الطيب المتنبي في قوله .
( وَالْقَوْمُ فِي أَعْيَانِهِمْ خَزَرٌ ... وَالْخَيْلُ فِي أَعْيَانِهَا قَبَلُ ) .
فجمع العين الناظرة على أعيان وكان الذوق يأبى ذلك ولا تجد له على اللسان حلاوة وإن كان جائزا .
ولولا خوف الإطالة لأوردت من هذا النوع وأمثاله أشياء كثيرة وكشفت عن رموز وأسرار تخفى على كثير من متعاطي هذا الفن لكن في الذي أشرت إليه منبه لأهل الفطانة والذكاء أن يحملوه على أشباهه وأنظاره .
وأعجب من ذلك كله أنك ترى وزنا واحدا من الألفاظ فتارة تجد مفرده حسنا وتارة تجد جمعه حسنا وتارة تجدها جميعا حسنين فالأول نحو حبرور وهو فرخ الحبارى فإن هذه اللفظة يحسن مفردها لا مجموعها لأن جمعها على حبارير وكذلك طنبور وطنابير وعرقوب وعراقيب وأما الثاني فنحو بهلول وبهاليل ولهموم ولهاميم وهذا ضد الأول وأما الثالث فنحو جمهور وجماهير وعرجون وعراجين فانظر إلى الوزن الواحد كيف يختلف في أحواله مفردا ومجموعا وهذا من أعجب ما يجيء في هذا الباب .
وهكذا قد جاءت ألفاظ على وزن واحد ثلاثية مسكنة الوسط وجميعها حسن في الاستعمال وإذا أردنا أن نثقل وسطها حسن منها شيء دون شيء