وكذلك لفظة طيف في ذكر طيف الخيال فإنها لم تستعمل إلا مفردة وقد استعملها الشعراء قديما وحديثا فلم يأتوا بها إلا مفردة لأن جمعها جمع قبيح فإن قيل طيوف كان من أقبح الألفاظ وأشدها كراهة على السمع ويا لله العجب من هذه اللفظة ومن أختها عدة ووزنا وهي لفظة ضيف فإنها تستعمل مفردة ومجموعة وكلاهما في الاستعمال حسن ورائق وهذا مما لا يعلم السر فيه والذوق السليم هو الحاكم في الفرق بين هاتين اللفظتين وما يجري مجراهما .
وأما جمع المصادر فإنه لا يجيء حسنا والإفراد فيه هو الحسن ومما جاء في المصادر مجموعا قول عنترة .
( فإنْ يَبْرَأْ فَلَمْ أَنْفثْ عَلَيْهِ ... وَإنْ يُفْقَدْ فَحُقَّ لَهُ الْفُقُودُ ) .
قوله الفقود جمع مصدر من قولنا فقد يفقد فقدا واستعمال مثل هذه اللفظة غير سائغ ولا لذيذ وإن كان جائزا ونحن في استعمال ما نستعمله من الألفاظ واقفون مع الحسن لا من الجواز .
وهذا كله يرجع إلى حاكم الذوق السليم فإن صاحب هذه الصناعة يصرف الألفاظ بضروب التصريف فما عذب في فمه منها استعمله وما لفظه فمه تركه ألا ترى أنه يقال الأمة بالضم عبارة عن الجمع الكثير من الناس ويقال الإمة بالكسر وهي النعمة فإن الأمة بالضم لفظة حسنة وبالكسر ليست بحسنة واستعمالها قبيح .
ورأيت صاحب كتاب الفصيح قد ذكرها فيما اختاره من الألفاظ الفصيحة ويا ليت شعري ما الذي رآه من فصاحتها حتى اختارها وكذلك قد اختار ألفاظا أخر ليست بفصيحة ولا لوم عليه لأن صدور مثل ذلك الكتاب عنه كثير وأسرار الفصاحة لا تؤخذ من علماء العربية وإنما تؤخذ منهم مسألة نحوية أو تصريفية أو