الألباب ) و ( إن في ذلك لذكرى لأولي الألباب ) وأشباه ذلك وهذه اللفظة الثلاثية خفيفة على النطق ومخارجها بعيدة وليست بمستثقلة ولا مكروهة وقد تستعمل مفردة بشرط أن تكون مضافة أو مضافا إليها أما كونها مضافا إليها فكقولنا لا يعلم ذلك إلا ذو لب وإن في ذلك لعبرة لذي لب وعليه ورد قول جرير .
( إِنَّ الْعُيُونَ الَّتِي في طَرْفِها حَوَرٌ ... قَتَلْنَنا ثُمَّ لَمْ يُحْيِينَ قَتْلاَنَا ) .
( يَصْرَعْنَ ذَا اللُّبِّ حَتَّى لاَ حِرَاكَ بِهِ ... وَهُنَّ أَضْعَفُ خَلْقِ اللهِ أَرْكَانَا ) .
وأما كونها مضافة فكقول النبي في ذكر النساء ( ما رأيت ناقصات عقل ودين أذهب للب الحازم من إحداكن يا معشر النساء ) فإن كانت هذه اللفظة عارية عن الجمع أو الإضافة فإنها لا تأتي حسنة ولا تجد دليلا على ذلك إلا مجرد الذوق الصحيح وإذا تأملت القرآن الكريم ودققت النظر في رموزه وأسراره وجدت مثل هذه اللفظة قد روعي فيها الجمع دون الإفراد كلفظة كوب فإنها وردت في القرآن مجموعة ولم ترد مفردة وهي وإن لم تكن مستقبحة في حال إفرادها فإن الجمع فيها أحسن لكن قد ترد مفردة مع ألفاظ أخر تندرج معهن فيكسوها ذلك حسنا ليس لها وذلك كقولي في جملة أبيات أصف بها الخمر وما يجري معها من آلاتها .
( ثَلاَثَةٌ تُعْطِي الْفَرَحْ ... كَأْسٌ وَكُوبٌ وَقَدَحْ ) .
( مَا ذَبَحَ الذَّوْقُ بِهَا ... إِلاّ وَلِلْهَمِّ ذَبَحْ ) .
فلما وردت لفظة الكوب مع الكأس والقدح على هذا الأسلوب حسنها وكأنه جلاها في غير لباسها الذي كان لها إذ جاءت بمفردها .
وكذلك وردت لفظة رجا بالقصر والرجا الجانب فإنها لم تستعمل موحدة وإنما استعملت مجموعة كقوله تعالى ( والملك على أرجائها ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية ) فلما وردت هذه اللفظة مجموعة ألبسها الجمع ثوبا من الحسن لم يكن لها في حال كونها موحدة وقد تستعمل موحدة بشرط الإضافة كقولنا رجا البئر