مستقبلة فكقول النبي وقد واصل في شهر رمضان فواصل معه قوم ( لو مد لنا الشهر لواصلنا وصالا يدع له المتعمقون تعمقهم ) وقال أبو الطيب المتنبي .
( تَشُقُّكُمْ بِقَنَاها كُلُّ سَلْهَبَةٍ ... وَالضَّرْبُ يَأْخُذُ مِنْكُمْ فَوْقَ مَا يَدَعُ ) .
وأما الماضي من هذه اللفظة فلم يستعمل إلا شاذا ولا حسن له كقول أبي العتاهية .
( أَثْرَوْا فَلَمْ يُدْخِلُوا قُبُورَهُمُ ... شَيْئاً مِنَ الثَّرْوَةِ الَّتي جَمَعُوا ) .
( وَكَانَ مَا قَدَّمُوا لأَنْفُسِهِمْ ... أَعْظَمَ نَفْعاً مِنَ الَّذِي وَدَعُوا ) .
وهذا غير حسن في الاستعمال ولا عليه من الطلاوة شيء وهذه لفظة واحدة لم يتغير من حالها شيء سوى أنها نقلت من الماضي إلى المستقبل لا غير .
وكذلك لفظة وذر فإنها لا تستعمل ماضية وتستعمل على صيغة الأمر كقول تعالى ( ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ) وتستعمل مستقبلة أيضا كقوله تعالى ( سأصليه سقر وما أدراك ما سقر لا تبقي ولا تذر ) فهي لم ترد في القرآن إلا على هاتين الصيغتين وكذلك في فصيح الكلام غير القرآن وأما إذا جاءت على صيغة الماضي فإنها لا تستعمل وهي أقبح من لفظة ودع لأن لفظة ودع قد استعملت ماضية وهذه لم تستعمل .
وههنا فلينعم الخائضون في هذا الفن نظرهم ويعلموا أن في الزوايا خبايا وإذا أنعموا الفكر في أسرار الألفاظ عند الاستعمال وأغرقوا في الاعتبار والكشف وجدوا غرائب وعجائب