( لَقَدْ فُجِعَتْ عَتَّابهُ وَزُهَيْرُهُ ... وَتَغْلِبُهُ أخْرَى اللَّيَالِي وَوَائِلُهْ ) .
( وَمُبْتَدِرُ الْمَعْرُوفِ تَسْرِي هِبَاتُهُ ... إلَيْهِمْ وَلاَ تَسْرِي إِلَيْهِمْ غَوَائِلُهْ ) .
( طَوَاهُ الرَّدَى طَيَّ الرِّدَاءِ وَغُيِّبَتْ ... فَضَائِلُهُ عَنْ قَوْمِهِ وَفَوَاضِلُهْ ) .
( طَوى شِيمَاً كَانَتْ تَرُوحُ وتَغْتَدِي ... وَسَائِلَ مَنْ أعْيَتْ عَلَيْهِ وَسَائِلُهْ ) .
( فَيَا عَاضاً لِلْعُرْفِ أقْلَعَ مُزْنُهُ ... وَيَا وَادِياً لِلْجُودِ جَفَّتْ مَسَايِلُهْ ) .
( أَلَمْ تَرَنِي أنْزَفْتُ عَيْنِي عَلَى أبِي ... مُحَمَّدٍ النَّجْمِ الْمُشْرّقِ آفِلُهْ ) .
( وَأَخْضَلْتُهَا فِيْهِ كَمَا لَوْ أَتَيْتُهُ ... طَرِيد اللَّيَالِي أخْضَلَتْنِي نَوَافِلُهْ ) .
وهذا من أحسن ما يجيء في هذا الباب وليس بمتكلف كشعر أبي العلاء فإن حسن هذا مطبوع وحسن ذاك مصنوع وكذلك أقول في غير اللزوم من الأنواع المذكورة أولا فإن الألفاظ إذا صدرت فيها عن سهولة خاطر وسلاسة طبع وكانت غير مستجلبة ولا متكلفة جاءت غير محتاجة إلى التألف ولا شك أن صورة الخلقة غير صورة التخلق .
فإن قيل ما الفرق بين المتكلف من هذا الأنواع وغير المتكلف .
قلت في الجواب أما المتكلف فهو الذي يأتي بالفكرة والروية وذلك أن ينضى الخاطر في طلبه ويبعث على تتبعه واقتصاص أثره وغير المتكلف يأتي مستريحا من ذلك كله وهو أن يكون الشاعر في نظم قصيدته أو الخطيب أو الكاتب في إنشاء خطبته أو كتابته فبينا هو كذلك إذا سنح له نوع من هذه الأنواع الاتفاق لا بالسعي والطلب ألا ترى أن قول أبي نواس في مثل هذا الموضع .
( أُتْرُكِ الأَطْلاَلَ لاَ تَعْبأُ بِهَا ... إِنَّهَا مِنْ كُلِّ بُؤْسٍ دَانِيَهْ ) .
( وَانْعَتِ الرَّاحَ عَلَى تَحْرِيمِها ... إنَّمَا دُنْيَاكَ دَارٌ فَانِيَهْ )