وأما الضرب الثاني من هذا القسم وهو عكس الحروف فهو كقول بعضهم .
( أَهْدَيْتُ شَيْئاً يَقِلُّ لَوْلاَ ... أُحْدُوثَةُ الْفَالِ وَالتَّبَرُّكْ ) .
( كُرْسِي تَفَاءَلْتُ فِيهِ لَمَّا ... رَأَيْتُ مَقْلُوبَه يَسُرُّكْ ) .
وكذلك قول الآخر .
( كَيْفَ السُّرُورُ بِإِقْبَالٍ وَآخِرُهُ ... إِذَا تَأمَّلْتُهُ مَقْلُوبُ إقْبَالِ ) .
وأجود من هذا كله قول الآخر .
( جَاذَبْتُهَا وَالرِّيحُ تَجْذِبُ عَقْرَباً ... مِنْ فَوْقِ خَد مِثْلَ قَلْبِ الْعَقْرَبِ ) .
( وَطَفِقْتُ أَلْثِمُ ثَغْرَهَا فَتَمَنَّعَتْ ... وَتَحَجَّبَتْ عَنِّي بِقَلْبِ الْعَقْرَبِ ) .
وإذا قلب لفظ عقرب صار برقعا .
وهذا الضرب نادر الاستعمال لأنه قل ما يقع كلمة تقلب حروفها فيجيء معناها صوابا .
القسم الخامس من المشبه بالتجنيس ويسمى المجنب وذاك أن يجمع مؤلف الكلام بين كلمتين إحداهما كالتبع للأخرى والجنيبة لها كقول بعضهم .
( أَبَا الْعَبَّاسِ لاَ تَحْسَبْ بِأَنِّي ... لِشَيْءٍ مِنْ حُلَى الأَشْعَارِ عارِي ) .
( فَلِي طَبْعٌ كَسْلَسالٍ مَعِينٍ ... زُلاَلٍ مِنْ ذُرَا الأَحْجَارِ جَارِي ) .
وهذا القسم عندي فيه نظر لأنه بلزوم ما لا يلزم أولى منه بالتجنيس ألا ترى أن التجنيس هو اتفاق اللفظ واختلاف المعنى وههنا لم يتفق إلا جزء من اللفظ وهو أقله وأما اللزوم في الكلام المنثور فهو تساوي الحروف التي قبل