ولا ترض بما عرفته من مبدإ حاله فإن الأحوال تنتقل منتقل الأجساد وإياك أن تخدع بصلاح الظاهر كما خدع عمر بن الخطاب Bه بالربيع بن زياد .
وكذلك اؤمر هؤلاء على اختلاف طبقاتهم بأن يأمروا بالمعروف مواظبين وينهوا عن المنكر محاسبين ويعلموا أن ذلك من دأب حزب الله الذين جعلهم الله الغالبين وليبدأوا أولا بأنفسهم فيعدلوا بها عن هواها ويأمروها بما يأمرون به سواها ولا يكونوا ممن هدى إلى طريق البر وهو عند حائد وانتصب لطلب المرضى وهو محتاج إلى طبيب وعائد فما تنزل بركات السماء إلا على من خاف مقام ربه وألزم التقوى أعمال يده ولسانه وقبله وإذا صلحت الولاة صلحت الرعية بصلاحهم وهم لهم بمنزلة المصابيح ولا يستضيء كل قوم إلا بمصباحهم ومما يؤمرون به أن يكونوا لمن تحت أيديهم إخوانا في الاصطحاب وجيرانا في الاقتراب وأعوانا في توزع الحمل الذي يثقل على الرقاب فالمسلم أخو المسلم وإن كان عليه أميرا وأولى الناس باستعمال الرفق من كان فضل الله عليه كثيرا وليست الولاية لمن يستجد بها كثرة اللفيف ويتولاها بالوطء العنيف ولكنها لمن يمال على جوانبه ويؤكل من أطايبه ولمن إذا أغضب لم ير للغضب عنده أثر وإذا ألحف في سؤاله لم يلق الإلحاف بخلق الضجر وإذا حضر الخصوم بين يديه عدل بينهم في قسمة القول والنظر فذلك الذي يكون في أصحاب اليمين والذي يدعى بالحفيظ العليم والقوي الأمين ومن سعادة المرء أن تكون ولاته متأدبين بآدابه وجارين على نهج صوابه وإذا تطايرت الكتب يوم القيامة كانوا حسنات مثبتة في كتابه .
وبعد هذه الوصية فإن ههنا حسنة هي للحسنات كالأم الولود ولطالما أغنت عن صاحبها إغناء الجنود وتيقظت لنصره والعيون رقود وهي التي تسبغ لها الآلاء ولا يتخطاها البلاء ولأمير المؤمنين بها عناية تبعثها الرحمة الموضوعة في قلب والرغبة في المغفرة لما تقدم وتأخر من ذنبه وتلك هي الصدقة التي فضل الله بها بعض عباده لمزية إفضالها وجعلها سببا إلى التعويض عنها بعشر أمثالها وهو يأمرك أن تتفقد أحوال الفقراء الذين قدرت عليهم مادة الأرزاق وألبسهم التعفف ثوب الغنى وهم في ضيق من الإملاق فأولئك أولياء الله الذين