ومن أوصاف الكلمة ألا تكون مبتذلة بين العامة وذلك ينقسم قسمين .
الأول ما كان من الألفاظ دالا على معنى وضع له في أصل اللغة فغيرته العامة وجعلته دالا على معنى آخر وهو ضربان .
الأول ما يكره ذكره كقول أبي الطيب .
( أَذَاقَ الْغَوَانِي حُسْنُهُ مَا أذَقْنَنِي ... وَعَفّ فَجَازَاهُنَّ عَنِّيَ بِالصَّرْمِ ) .
فإن لفظة الصرم في وضع اللغة هو القطع يقال صرمه إذا قطعه فغيرتها العامة وجعلتها دالة على المحل المخصوص من الحيوان دون غيره فأبدلوا السين صادا ومن أجل ذلك استكره استعمال هذه اللفظة وما جرى مجراها لكن المكروه منها ما يستعمل على صيغة الاسمية كما جاءت في هذا البيت وأما إذا استعملت على صيغة الفعل كقولنا صرمة وصرمته وتصرمه فإنها لا تكون كريهة لأن استعمال العامة لا يدخل في ذلك وهذا الضرب المشار إليه لا يعاب البدوي على استعماله كما يعاب المحتضر لأن البدوي لم تتغير الألفاظ في زمنه ولا تصرفت العامة فيها كما تصرفت في زمن المحتضرة من الشعراء فمن أجل ذلك عيب استعمال لفظة الصرم وما جرى مجراها على الشاعر المحتضر ولم يعب على الشاعر المتبدي ألا ترى إلى قول أبي صخر الهذلي .
( قَدْ كَانَ صُرْمٌ فِي الْمَمَاتِ لَنَا ... فَعَجِلْتِ قَبْلَ الْمَوْتِ بِالصُّرْمِ )