وفصاحة رسول الله لا تقتضي استعمال هذه الألفاظ ولا تكاد توجد في كلامه إلا جوابا لمن يخاطبه بمثلها كهذا الحديث وما جرى مجراه على أنه قد كان في زمنه متداولا بين العرب ولكنه لم يستعمله إلا يسيرا لأنه أعلم بالفصيح والأفصح .
وهذا الكلام هو الذي نعده نحن في زماننا وحشيا لعدم الاستعمال فلا تظن أن الوحشي من الألفاظ ما يكرهه سمعك ويثقل عليك النطق به وإنما هو الغريب الذي يقل استعماله فتارة يخف على سمعك ولا تجد به كراهة وتارة يثقل على سمعك وتجد منه الكراهة وذلك في اللفظ عيبان أحدهما أنه غريب الاستعمال والآخر أنه ثقيل على السمع كريه على الذوق وإذا كان اللفظ بهذه الصفة فلا مزيد على فظاظته وغلاظته وهو الذي يسمى الوحشي الغليظ ويسمى أيضا المتوعر وليس وراءه في القبح درجة أخرى ولا يستعمله إلا أجهل الناس ممن لم يخطر بباله معرفة هذا الفن أصلا .
فإن قيل فما هذا النوع من الألفاظ .
قلت قد ثبت لك أنه ما كرهه سمعك وثقل على لسانك النطق به وسأضرب لك في ذلك مثالا فمنه ما ورد لتأبط شرا في كتاب الحماسة .
( يَظَلُّ بِمَوْمَاةِ وَيُمْسِي بِغَيْرِهَا ... جَحِيشاً وَيَعْرَوْرِي ظُهُورَ الْمَسَالِكِ )