أسرارا لم تقف عليها أنت ولا أئمتك مثل ابن سينا والفارابي ولا من أضلهم مثل أرسطاليس وأفلاطون وهذه اللفظة التي أنكرتها في القرآن وهي لفظة ضيزى فإنها في موضعها لا يسد غيرها مسدها ألا ترى أن السورة كلها التي هي سورة النجم مسجوعة على حرف الياء فقال تعالى ( والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى ) وكذلك إلى آخر السورة فلما ذكر الأصنام وقسمة الأولاد وما كان يزعمه الكفار قال ( ألكم الذكر وله الأنثى تلك إذا قسمة ضيزى ) فجاءت اللفظة على الحرف المسجوع الذي جاءت السورة جميعها عليه وغيرها لا يسد مسدها في مكانها وإذا نزلنا معك أيها المعاند على ما تريد قلنا إن غير هذه اللفظة أحسن منها ولكنها في هذا الموضع لا ترد ملائمة لأخواتها ولا مناسبة لأنها تكون خارجة عن حرف السورة وسأبين ذلك فأقول إذا جئنا بلفظة في معنى هذه اللفظة قلنا قسمة جائرة أو ظالمة ولا شك أن جائرة أو ظالمة أحسن من ضيزى إلا أنا إذا نظمنا الكلام قلنا ألكم الذكر وله الأنثى تلك إذا قسمة ظالمة لم يكن النظم كالنظم الأول وصار الكلام كالشيء المعوز الذي يحتاج إلى تمام وهذا لا يخفى على من له ذوق ومعرفة بنظم الكلام فلما سمع ذلك الرجل ما أوردته عليه ربا لسانه في فمه إفحاما ولم يكن عنده في ذلك شيء سوى العناد الذي مستنده تقليد بعض الزنادقة الذين يكفرون تشهيا ويقولون ما يقولونه جهلا وإذا حوققوا عليه ظهر عجزهم وقصورهم .
وحيث انتهى القول إلى ههنا فإني أرجع إلى ما كنت بصدد ذكره فأقول .
وأما القبيح من الألفاظ الذي يعاب استعماله فلا يسمى وحشيا فقط بل يسمى الوحشي الغليظ وسيأتي ذكره وإذا نظرنا إلى كتاب الله تعالى الذي هو أفصح الكلام وجدناه سهلا سلسا وما تضمنه من الكلمات الغريبة يسير جدا هذا وقد أنزل في زمن العرب العرباء وألفاظه كلها من أسهل الألفاظ وأقربها استعمالا وكفى به قدوة في هذا الباب قال النبي ( ما أنزل الله في التوراة ولا في الإنجيل مثل أم القرآن وهي السبع المثاني ) يريد بذلك فاتحة الكتاب وإذا نظرنا إلى ما اشتملت عليه من الألفاظ وجدناها سهلة قريبة المأخذ يفهمها كل