قال وهم وان كانوا يحبون البيان والطلاقة والتحبير والبلاغة والتخلص والرشاقة فانهم كانوا يكرهون السلاطة والهذر والتكلف والاسهاب والاكثار لما في ذلك من التزيد والمباهاة واتباع الهوى والمنافسة في العلو والقدر وكانوا يكرهون الفضول في البلاغة لأن ذلك يدعو الى السلاطة والسلاطة تدعو الى البذاء وكل مراء في الارض فانما هو من نتاج الفضول ومن حصل كلامه وميزه وحاسب نفسه وخالف الاثم والذم أشفق من الضراوة وسوء العادة وخاف ثمرة العجب وهجنة القبح وما في حب السمعة من الفتنة وما في الرياء من مجانبة الاخلاص .
ولقد دعا عبادة بن الصامت بالطعام بكلام ظن انه ترك فيه المحاسبة فقال أوس بن شداد انه قد ترك فيه المحاسبة فاسترجع ثم قال ما تكلمت بكلمة منذ بايعت رسول الله الا مزمومة مخطومة قال ورووا عن حماد بن سلمة عن أبي حمزة عن ابراهيم قال إنما يهلك الناس في فضول الكلام وفضول المال وقال دع المعاذر فان أكثرها مفاجر وانما صارت المعاذر كذلك لانها داعية الى التخلص بكل شيء وقال سلام بن مطيع قال لي أيوب إياك وحفظ الحديث خوفا عليه من العجب وقال ابراهيم النخعي دع الاعتذار فانه يخالط الكذب .
قالوا ونظر شاب وهو في دار ابن سيرين الى فرش في داره فقال ما بال تلك الآجرة أرفع من تلك الآجرة الاخرى فقال ابن سيرين يا ابن اخي ان فضول النظر يدعو الى فضول القول .
وزعم ابراهيم بن السندي قال أخبرني من سمع عيسى بن علي يقول فضول النظر من فضول الخواطر وفضول النظر يدعو الى فضول القول وفضول القول يدعو الى فضول العمل ومن تعود فضول الكلام ثم تدارك استصلاح لسانه خرج من استكراه القول وان أبطأ أخرجه إبطاؤه الى اقبح من الفضول .
قال أبو عمرو بن العلاء أنكح ضرار بن عمرو الضبي ابنته معبد بن زرارة فلما اخرجها اليه قال لها يا بنية امسكي عليك الفضلين قالت وما الفضلان قال فضل الغلمة وفضل الكلام