الفرع بعد ذهاب الاصل افضل الاشياء عند المصائب الصبر وانما أهل الدنيا سفر لا يحلون الركائب الا في غيرها فما أحسن الشكر عند النعم والتسليم عند الغير فاعتبر بمن رأيت من أهل الجزع فان رأيت الجزع رد احدا منهم الى ثقة من درك فما أولاك به .
واعلم ان أعظم من المصيبة سوء الخلف منها فاتق فان المرجع قريب .
واعلم انه انما ابتلاك المنعم وأخذ منك المعطي وما ترك اكثرفان نسيت الصبرفلا تنس الشكر وكلا فلا تدع واحذر من الغفلة استلاب النعم وطول الندامة فما أصغر المصيبة اليوم مع عظم الغنيمة غدا فاستقبل المصيبة بالحسبة تستخلف بها نعما فانما نحن في الدنيا غرض ينتضل فيه بالمنايا ونهب للمصائب مع كل جرعة شرق ومع كل أكلة غصص لا تنال نعمة الا بفراق اخرى ولايستقبل معمر يوما من عمره الا بهدم اخر من أجله ولا تحدث له زيادة في أكله الا بنفاد ما قبله من رزقه ولا يحيا له أثر الا مات له أثر ونحن اعوان الحتوف على أنفسنا وأنفسنا تسوقنا الى الفناء فمن أين نرجو البقاء وهذا الليل و النهار لم يرفعا من شيء شرفا الا أسرعا الكرة في هدم ما رفعا وتفريق ما جمعا فاطلب الخير من اهله واعلم ان خيرا من الخير معطية وشرا من الشر فاعله .
وقال ابو نواس .
( أتتبع الظرفاء اكتب عنهم ... كيما احدث من احب فيضحكا ) .
وقال اخر .
( قدرت فلم أترك صلاح عشيرتي ... وما العفو الا بعد قدرة قادر ) .
وقال اخر .
( اخو الجد ان جد الرجال وشمروا ... وذو باطل ان كان في القوم باطل ) .
وروى قبيصة بن عمر المهلبي ان رجلا اتى ابن أبي عيينة فسأله ان يكتب الى داود بن يزيد كتابا ففعل وكتب في اسفله .
( ان امرأ قذفت اليك به ... في البحر بعض مراكب البحر ) .
( تجري الرياح به فتحمله ... وتكف احيانا فلا تجري ) .
( ويرى المنية كلما عصفت ... ريح به للهول والذعر )