والاحتمال وصلاح ذات البين وتخويف الفريقين من التفاني والبوار كان ربما ردد الكلام علىطريق التهويل والتخويف وربما حمى فنخر .
قال ثمامة بن أشرس كان جعفر بن يحيى أنطق الناس قد جمع الهدوء والتمهل والجزالة والحلاوة وإفهاما يغنيه عن الاعادة ولو كان في الارض ناطق يستغني بمنطقه عن الاشارة لاستغنى جعفر عن الاشارة كما استغنى عن الاعادة وقال مرة ما رأيت احدا كان لا يتحبس ولا يتلجلج ولا يتنحنح ولا يرتقب لفظا قد استدعاه من بعد ولا يلتمس التخلص الى معنى قد تعصى عليه طلبه اشد اقتدارا ولا أقل تكلفا من جعفر بن يحيى وقال ثمامة قلت لجعفر بن يحيى ما البيان قال ان يكون الاسم يحيط بمعناك ويجلي عن مغزاك وتخرجه من الشركة ولا تستعين عليه بالفكرة والذي لابد منه ان يكون سليما من التكلف بعيدا من الصنعة بريئا من التعقيد غنيا عن التأويل .
وهذا هو تأويل قول الأصمعي البليغ من طبق المفصل وأغناك عن المفسر .
خبرني جعفر بن سعيد رضيع أيوب بن جعفر وحاجبه قال ذكرت لعمرو ابن مسعدة توقيعات جعفر بن يحيى قال قد قرأت لأم جعفر توقيعات في حواشي الكتب وأسافلها فوجدتها أجود اختصارا وأجمع للمعاني قال ووصف اعرابي أعرابيا بالايجاز والاصابة فقال كان والله يضع الهناء مواضع النقب يظنون انه نقل قول دريد بن الصمة في الخنساء بنت عمرو بن الشريد الى ذلك الموضع وكان دريد قال فيها .
( ما إن رأيت ولا سمعت به ... كاليوم طالي أينق جرب ) .
( متبذلا تبدو محاسنه ... يضع الهناء مواضع النقب ) .
ويقولون في إصابة عين المعنى بالكلام الموجز فلان يفل المحز ويصيب المفصل وأخذوا ذلك من صفة الجزار الحاذق فجعلوه مثلا للمصيب الموجز وأنشدني ابو قطن الغنوي وهو الذي يقال له شهيد الكرم وكان أبين من رأيته من أهل البدو والحضر