وكان شديد السواد نحيفا .
ومن شأن المتكلمين ان يشيروا بأيديهم وأعناقهم وحواجبهم فاذا أشاروا بالعصا فكأنهم قد وصلوا بأيديهم ايدي أخر ويدلك على ذلك قول الانصاري حيث يقول .
( سارت لناسيارة ذات سؤدد ... بكوم المطايا والخيول الجماهر ) .
( يؤمون ملك الشام حتى تمكنوا ... ملوكا بأرض الشام فوق المنابر ) .
( يصيبون فصل القول في كل خطبة ... اذا وصلوا ايمانهم بالمخاصر ) .
وقال الكميت بن زيد .
( ونزور مسلمة المهذب ... بالمؤيدة السوائر ) .
( بالمذهبات المعجبات ... لمفحم منا وشاعر ) .
( أهل التجارب في المحافل ... والمقاول بالمخاطر ) .
وأيضا ان حمل العصا والمخصرة دليل على التأهب للخطبة والتهيؤ للاطناب والاطالة وذلك شيء خاص في خطباء العرب ومقصور عليهم ومنسوب إليهم حتى انهم ليذهبون في حوائجهم والمخاصر في أيديهم اتقاء وتوقعا لبعض ما يوجب حملها والاشارة بها .
وعلى ذلك المعنى أشار النساء بالمالي وهن قيام في المناحات وعلى ذلك المثال ضربن الصدور بالنعال .
وانما يكون العجز والذلة في دخول الخلل والنقص على الجوارح فأما الزيادة فيها فالصواب فيه وهل ذلك الا كتعظيم كور العمامة واتخاذ القضاة القلانس العظام في حمارة القيظ واتخاذ الخلفاء العمائم على القلانس فان كانت القلانس مكشوفة زادوا في طولها وحدة رؤوسها حتى تكون فوق قلانس جميع الامة وكذلك القناع لانه أهيب .
وعلى ذلك المعنى كان يتقنع العباس بن محمد وعبد الملك بن صالح والعباس بن موسى وأشباهم وسليمان بن أبي جعفر وعيسى بن جعفر واسحق بن عيسى ومحمد بن سليمان ثم الفضل بن الربيع والسندي بن شاهك واشباههما من الموالي لان ذلك أهيب في الصدور وأجل في العيون والمتقنع أروع من الحاسر لانه اذا لم يفارقه الحجاب وان