يدعون الكهانة وان مع كل واحد منهم رئيا من الجن مثل حازي جهينة ومثل شق وسطيح وعزى سلمة أشباههم كانوا يتكهنون ويحكمون بالاسجاع كقوله والارض والسماء والعقاب والصقعاء واقعة ببقعاء لقد نفر المجد بني العشراء للمجد والسناء وهذا الباب كثير ألا ترى إن ضمرة بن ضمرة وهرم بن قطبة والاقرع بن حابس ونفيل بن عبد العزي كانوا يحكمون وينفرون بالاسجاع وكذلك ربيعة ابن حذار فوقع النهي في ذلك لقرب عهدهم بالجاهلية ولبقيتها فيهم وفي صدور كثير منهم فلما زالت العلة زال التحريم .
وقد كان الخطباء تتكلم عند الخلفاء الراشدين فتكون في تلك الخطب أسجاع كثيرة فلم ينهوا منهم أحدا .
وكان الفضل بن عيسى الرقاشي سجاعا في قصصه وكان عمرو بن عبيد وهشام بن حسان وأبان بن أبي عياش يأتون مجلسه قال له داود بن ابي هند لولا انك تفسر القرآن برأيك لأتيناك في مجلسك قال فهل تراني أحرم حلالا وأحل حراما .
وانما كان يتلو الآية التي فيها ذكر النار والجنة والحشر والموت وأشباه ذلك .
وقد كان عبد الصمد الفضل وابو العباس القاسم بن يحيى وعامة قصاص البصرة وهم أخطب من الخطباء يجلس اليهم عامة الفقهاء وقد كان النهي ظاهرا عن مرثية أمية بن ابي الصلت لقتلى أهل بدر كقوله .
( هلا بكيت على الكرام ... بني الكرام أولى الممادح ) .
وروى ناس شبيها بذلك في هجاء الاعشى لعلقمة بن علاثة فلما زالت العلة زال النهي .
وقال ابو واثلة بن خليفة في عبد الملك بن المهلب .
( لقد صبرت للدل أعواد منبر ... تقوم عليها في يديك قضيب ) .
( بكى المنبر الغربي إذ قمت فوقه ... فكادت مسامير الحديد تذوب ) .
( رأيتك لما شبت أدركك الذي ... يصيب سراة الأزدحين تشيب ) .
( سفاهة أحلام وبخل بنائل ... وفيك لمن عاب المزون عيوب ) .
وخطب الوليد بن عبد الملك فقال ان أمير المؤمنين عبد الملك كان يقول