بإعادة لفظه قال عبد القاهر وقد يقدم المسند إليه ليفيد تخصيصه بالخبر الفعلي إن ولى حرف النفي كقولك ما أنا قلت هذا أي لم أقله مع أنه مقول فأفاد نفي الفعل عنك وثبوته لغيرك فلا تقول ذلك إلا في شيء ثبت أنه مقول وأنت تريد نفي كونك قائلا له ومنه قول الشاعر .
( وما أنا أسقمت جسمي به ... ولا أنا أضرمت في القلب نارا ) .
إذ المعنى أن هذا السقم الموجود والضرم الثابت ما أنا جالبا لهما فالقصد إلى نفي كونه فاعلا لهما لا إلى نفيهما ولهذا لا يقال ما أنا قلت ولا أحد غيري لمناقضة منطوق الثاني مفهوم الأول بل يقال ما قلت أنا ولا أحد غيري ولا يقال ما أنا رأيت أحدا من الناس ولا ما أنا ضربت إلا زيدا بل يقال ما رأيت أو ما رأيت أنا أحدا من الناس وما ضربت أو ما ضربت أنا إلا زيدا لأن المنفي في الأول الرؤية الواقعة على كل واحد من الناس وفي الثاني الضرب الواقع على كل واحد منهم سوى زيد وقد سبق أن ما يفيد التقديم ثبوته لغير المذكور هو ما نفي عن المذكور فيكون الأول مقتضيا لأن إنسانا غير المتكلم قد رأى كل الناس والثاني مقتضيا لأن إنسانا غير المتكلم قد ضرب من عدا زيدا منهم وكلاهما محال .
وعلل الشيخ عبد القاهر والسكاكي امتناع الثاني بأن نقض النفي بألا يقتضي أن يكون القائل له قد ضرب زيدا وإيلاء الضمير حرف النفي يقتضي أن لا يكون ضربه وذلك تناقض وفيه نظر لأنا لا نسلم أن إيلاء الضمير حرف النفي يقتضي ذلك فإن قيل الاستثناء الذي فيه