قد تقدم أن الاستعارة أصلها التشبيه وأن الأصل في وجه الشبه أن يكون الشبه به أتم منه في المشبه وأظهر فقولنا رأيت أسدا يفيد للمرء شجاعة أتم مما يفيدها قولنا رأيت رجلا كالأسد لأن الأول يفيد شجاعة الأسد والثاني شجاعة دون شجاعة الأسد ويمكن أن يجاب بحمل كلام الشيخ على أن السبب في كل صورة ليس هو ذلك لا أن ذلك ليس بسبب في شيء من الصور أصلا هذا آخر الكلام في الفن الثاني .
وذكر السكاكي بعد الفراغ منه تفسير البلاغة بما نقلناه عنه في صدر الكتاب ثم قسم الفصاحة إلى معنوية ولفظية وفسر المعنوية بخلوص المعنى عن التعقيد وعنى بالتعقيد اللفظي على ما سبق تفسيره وفسر اللفظية بأن تكون الكلمة عربية أصيلة وقال وعلامة ذلك أن تكون على ألسنة الفصحاء من العرب الموثوق بعربيتهم أدور واستعمالهم لها أكثر لا مما أحدثه المولدون ولا مما أخطأت فيه العامة وأن تكون أجرى على قوانين اللغة وأن تكون سليمة التنافر فجعل الفصاحة غير لازمة للبلاغة وحصر مرجع البلاغة في الفنين ولم يجعل الفصاحة مرجعا لشيء منهما ثم قال وإذ قد وقفت على البلاغة والفصاحة المعنوية اللفظية فأنا أذكر على سبيل الأنموذج آية أكشف لك فيها عن وجوه البلاغة والفصاحتين ما عسى يسترها عنك وذكر ما أورده الزمخشري في تفسير قوله تعالى ( وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي وقيل بعدا للقوم الظالمين ) وزاد عليه نكتا لا بأس بها فرأيت أن