( والمجد يدعو أن يدوم لجيده ... عقد مساعي ابن العميد نظامه ) .
فإنه شبه المجد بإنسان بديع الجمال في ميل النفوس إليه وأثبت له جيدا على سبيل الاستعارة التخييلية ثم أثبت لجيده عقدا ترشيحا للاستعارة ثم خص مساعي ابن العميد بأنها نظامه فنبه بذلك على اعتنائه خاصة بتزيينه وبذلك على محبته وحده له وبها على اختصاصه به ونبه بدعاء المجد أن يدوم لجيده ذلك العقد على طلبه دوام بقاء ابن العميد وبذلك على اختصاصه به وكقول أبي نواس .
( فما جازه جود ولا حل دونه ... ولكن يصير الجود حيث يصير ) .
فإنه كنى عن جميع الجود بأن نكره ونفى أن يجوز ممدوحه ويحل دونه فيكون متوزعا يقوم منه شيء بهذا وشيء بهذا وعن إثباته له بتخصيصه بجهته بعد تعريفه باللام التي تفيد العموم ونظيره قولهم مجلس فلان مظنة الجود والكرم .
هذا قول السكاكي وقيل كنى بالشطر الأولى عن اتصافه بالجود وبالثاني عن لزوم الجود له ويحتمل وجها آخر وهو أن يكون كل منهما كناية عن اختصاصه به وعدم الاقتصار على أحدهما للتأكيد والتقرير وذكرهما على الترتيب المذكور لأن الأولى بواسطة بخلاف الثانية وكقولهم مثلك لا يبخل قال الزمخشري نفوا البخل عن مثله وهم يريدون نفيه عن ذاته قصدوا المبالغة في ذلك فسلكوا به طريق الكناية لأنهم إذا نفوه عمن يسد مسده وعمن هو على أخص أوصافه فقد نفوه عنه ونظيره قولك للعربي العرب لا تخفر الذمم فإنه أبلغ من قولك أنت لا تخفر ومنه قولهم أيفعت لداته وبلغت أترابه يريدون إيفاعه وبلوغه