فصل .
وإذ قد عرفت معنى الاستعارة التحقيقية والاستعارة التخييلية والاستعارة بالكناية والتمثيل على سبيل الاستعارة فاعلم أن لحسنها شروطا إن لم تصادفها عريت عن الحسن وربما تكتسب قبحا وهي في كل من التحقيقية والتمثيل رعاية ما سبق ذكره من جهات حسن التشبيه وأن لا يشم من جهة اللفظ رائحته ولذلك يوصي فيه أن يكون الشبه بين طرفيها جليا بنفسه أو عرف أو غيره وإلا صار تعمية وألغازا لا استعارة وتمثيلا كما إذا قيل رأيت أسدا وأريد إنسان أبخر وكما إذا قيل رأيت إبلا مائة لا تجد فيها راحلة وأريد الناس أو قيل رأيت عودا مستقيما أو أن الغرس وأريد إنسان مؤدب في صباه وبهذا ظهر أنهما لا يجيئان في كل ما يجيء فيه التشبيه ومما يتصل بهذا أنه إذا قوي الشبه بين الطرفين بحيث صار الفرع كأنه الأصل لم يحسن التشبيه وتعينت الاستعارة وذلك كالنور إذا شبه العلم به والظلمة إذا شبهت الشبهة بها فإنه لذلك يقول الرجل إذا فهم المسألة حصل في قلبي نور ولا يقول كأن نورا حصل في قلبي ويقول لمن أوقعه في شبهة أوقعتني في ظلمة ولا يقول كأنك أوقعتني في ظلمة .
وكذا المكنى عنها حسنها برعاية جهات حسن التشبيه وأما التخييلية فحسنها بحسب حسن المكنى عنها لما بينا أنها لا تكون إلا تابعة لها