وإنما يفهم منه الوضع بالتحقيق لما سبق من تفسير الوضع فلا حاجة إلى تقييد الوضع في تعريف الحقيقة بعدم التأويل وفي تعريف المجاز بالتحقيق اللهم إلا أن يراد زيادة البيان لا تتميم الحد ثم تقييد الوضع باصطلاح التخاطب ونحوه إذا كان لا بد منه في تعريف المجاز ليدخل فيه نحو لفظ الصلاة إذا استعملها المخاطب بعرف الشرع في الدعاء مجازا فلا بد منه في تعريف الحقيقة أيضا ليخرج نحو هذا اللفظ منه كما سبق وقد أهمله في تعريفها لا يقال قوله في تعريفها من غير تأويل في الوضع أغنى عن هذا القيد فإن استعمال اللفظ فيما وضع له في غير اصطلاح التخاطب إنما يكون بتأويل في وضعه لأن التأويل في الوضع يكون في الاستعارة على أحد القولين دون سائر أقسام المجاز ولذلك قال وإنما ذكرت هذا القيد ليحترز به عن الاستعارة ثم تعريفه للمجاز يدخل فيه الغلط كما تقدم .
ومنها أنه قسم المجاز إلى الاستعارة وغيرها وعرف الاستعارة بأن تذكر أحد طرفي التشبيه وتريد به الطرف الآخر مدعيا دخول المشبه في جنس المشبه به وقسم الاستعارة إلى المصرح بها والمكنى عنها وعنى بالمصرح بها أن يكون المذكور من طرفي التشبيه هو المشبه به وجعلها ثلاثة أضرب تحقيقية وتخييلية ومحتملة للتحقيق والتخييل وفسر التحقيقية بما مر وعد التمثيل على سبيل الاستعارة منها وفيه نظر لأن التمثيل على سبيل الاستعارة لا يكون إلا مركبا كما سبق فكيف يكون قسما من المجاز المفرد ولو لم يقيد الاستعارة بالإفراد وعرفها بالمجاز الذي أريد به ما شبه بمعناه الأصلي مبالغة في التشبيه دخل كل من التحقيقية والتمثيل في تعريف