فإنه لا يحسن دخول الكاف ونحوه في شيء من هذه الأمثلة ونحوها إلا بتغيير صورته كقولك هو كالبدر إلا أنه يسكن الأرض وكالشمس إلا أنه لا يغيب وكالشمس المتألقة إلا أن الفراق غروبها وكالبدر إلا أن الصدود وكسوفه وقد يكون في الصفات والصلات التي تجيء في هذا النحو ما يحيل تقدير أداة التشبيه فيه فيقرب إطلاقه أكثر وذلك مثل قول أبي الطيب .
( أسد دم الأسد الهزبر خضابه ... موت فريص الموت منه يرعد ) .
فإنه لا سبيل إلى أن يقال المعنى هو كالأسد وكالموت لما في ذلك من التناقض لأن تشبيهه بجنس السبع المعروف دليل أنه دونه أو مثله وجعل دم الهزبر الذي هو أقوى الجنس خضاب يده دليل أنه فوقه وكذلك لا يصح أن يشبه بالموت المعروف ثم يجعل الموت يخاف منه وكذا قول البحتري .
( وبدر أضاء الأرض شرقا ومغربا ... وموضع رحلي منه أسود مظلم ) .
إن رجع فيه إلى التشبيه الساذج حتى يكون المعنى هو كالبدر لزم أن يكون قد جعل البدر المعروف موصوفا بما ليس فيه فظهر أنه إنما أراد أن يثبت من الممدوح بدرا له هذه الصفة العجيبة التي لم تعرف للبدر فهو مبني على تخييل أنه زاد في جنس البدر واحدا له تلك الصفة فالكلام موضوع لا لإثبات الشبه بينهما ولكن لإثبات تلك الصفة فهو كقولك زيد رجل كيت كيت لم تقصد إثبات كونه رجلا لكن إثبات كونه متصفا بما ذكرت فإذا لم يكن اسم المشبه به في البيت مجتلبا لإثبات الشبه تبين أنه خارج عن الأصل الذي تقدم