جملة واحدة فإن ذلك لا يمنع من أن تشير إليها واحدة واحدة ثم إن الشبه منتزع من مجموعها من غير أن يمكن فصل بعضها عن بعض حتى لو حذف منها جملة أخل ذلك بالمغزى من التشبيه ومن تمام القول في هذه الآية ونحوها أن الجملة إذا وقعت في جانب المشبه به تكون على وجوه أحدها أن تلي نكرة فتكون صفة لها كما في هذه الآية وعليه قول النبي ( الناس كإبل مائة لا تجد فيها راحلة والثاني أن تلي معرفة هي اسم موصول فتكون صلة له كقوله تعالى ( مثلهم كمثل الذي استوقد نارا ) الآية والثالث أن تلي معرفة ليست باسم موصول فتقع استئنافا كقوله عز وعلا ( مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا ) ومن أبلغ الاستقصاء في التفصيل وعجيبه قول ابن المعتز .
( كأنا وضوء الصبح يستعجل الدجى ... نطير غرابا ذا قوادم جون ) .
شبه ظلام الليل حين يظهر فيه ضوء الصبح بأشخاص الغربان ثم شرط أن يكون قوادم ريشها بيضاء لأن تلك الفرق من الظلمة تقع في حواشيها من حيث يلي معظم الصبح وعموده لمع نور يتخيل منها في العين كشكل قوادم بيض وتمام التدقيق في هذا التشبيه أن جعل ضوء الصبح لقوة ظهوره ودفعه لظلام الليل كأنه يحفز الدجى ويستعجلها ولا يرضى منها بأن تتمهل في حركتها ثم لما راعى ذلك في التشبيه ابتداء راعاه آخرا حيث قال نطير غرابا ولم يقل غراب