( فكأنها والريح جاء يميلها ... تبغي التعانق ثم يمنعها الخجل ) .
فإن فيه تفصيلا دقيقا وذلك أنه راعى الحركتين حركة التهيؤ للدنو والعناق وحركة الرجوع إلى أصل الافتراق وأدى ما يكون في الثانية من سرعة زائدة تأدية لطيفة لأن حركة الشجرة المعتدلة في حال رجوعها إلى اعتدالها أسرع لا محالة من حركتها في حال خروجها من مكانها من الاعتدال وكذلك حركة من يدركه الخجل فيرتدع أسرع من حركة من يهم بالدنو لأن إزعاج الخوف أقوى أبدا من إزعاج الرجا .
( ومما مذهبه السهل الممتنع من هذا الضرب قول امرىء القيس .
( مكر مفر مقبل مدبر معا ... كجلمود صخر حطه السيل من عل ) .
يقول إن هذا الفرس لفرط ما فيه من لين الرأس وسرعة الانحراف ترى كفله في الحال التي ترى فيها لببه فهو كجلمود صخر دفعه السيل من مكان عال فإن الحجر بطبعه يطلب جهة السفل لأنها مركزه فكيف إذا أعانته قوة دفع السيل من عل فهو لسرعة تقلبه يرى أحد وجهيه حين يرى الآخر وكما يقع التركيب في هيئة الحركة قد يقع في هيئة السكون فمن لطيف ذلك قول أبي الطيب في صفة الكلب .
( يقعي جلوس البدوي المصطلي ... ) .
إنما لطف من حيث كان لكل عضو من الكلب في إقعائه موقع خاص وللمجموع صورة خاصة مؤلفة من تلك المواقع