القول في الإيجاز والإطناب والمساواة .
قال السكاكي أما الإيجاز والإطناب فلكونهما نسبيين لا يتيسر الكلام فيهما إلا بترك التحقيق والبناء على شيء عرفي مثل جعل كلام الأوساط على مجرى متعارفهم في التأدية للمعاني فيما بينهم ولا بد من الاعتراف بذلك مقيسا عليه ولنسمه متعارف الأوساط وأنه في باب البلاغة لا يحمد منهم ولا يذم فالإيجاز هو أداء المقصود من الكلام بأقل من عبارات متعارف الأوساط والإطناب هو أداؤه بأكثر من عباراته سواء كانت القلة أو الكثرة راجعة إلى الجمل أو إلى غير الجمل .
ثم قال الاختصار لكونه من الأمور النسبية يرجع في بيان دعواه إلى ما سبق تارة وإلى كون المقام خليقا بأبسط مما ذكر أخرى وفيه نظر لأن كون الشيء نسبيا لا يقتضي أن لا يتيسر الكلام فيه إلا بترك التحقيق والبناء على شيء عرفي ثم البناء على متعارف الأوساط والبسط الذي يكون المقصود جديرا به رد إلى جهالة فكيف يصلح للتعريف والأقرب أن يقال المقبول من طرق التعبير عن المعنى هو تأدية أصل المراد بلفظ مساو له أو ناقص عنه واف أو زائد عليه لفائدة والمراد بالمساواة أن يكون اللفظ بمقدار أصل المراد لا ناقصا