القول في الوصل والفصل .
الوصل عطف بعض الجمل على بعض والفصل تركه وتمييز موضع أحدهما من موضع الآخر على ما تقتضيه البلاغة فن منها عظيم الخطر صعب المسلك دقيق المأخذ لا يعرفه على وجهه ولا يحيط علما بكنهه إلا من أوتي في فهم كلام العرب طبعا سليما ورزق في إدراك أسراره ذوقا صحيحا ولهذا قصر بعض علماء البلاغة على معرفة الفصل من الوصل وما قصرها عليه لأن الأمر كذلك إنما حاول بذلك التنبيه على مزيد غموضه وأن أحدا لا يكمل فيه إلا كمل في سائر فنونها فوجب الاعتناء بتحقيقه على أبلغ وجه في البيان فنقول والله المستعان إذا أتت جملة بعد جملة فالأولى منها إما أن يكون لها محل من الإعراب أو لا وعلى الأول إن قصد التشريك بينها وبين الثانية في حكم الإعراب عطفت عليها وهذا كعطف المفرد على المفرد لأن الجملة لا يكون لها محل من الإعراب حتى تكون واقعة موقع المفرد فكما يشترط في كون العطف بالواو ونحوه مقبولا في المفرد أن يكون بين المعطوف والمعطوف عليه جهة جامعة كما في قوله تعالى ( يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من