أن من لم تكن له هذه الخشية فكأنه ليس له إذن تسمع وقلب يعقل فالإنذار معه كلا إنذار .
قال الشيخ عبد القاهر ومثال ذلك من الشعر قوله .
( أنا لم أرزق محبتها ... إنما للعبد ما رزقا ) .
فإنه تعريض بأنه قد علم أنه لا مطمع له في وصلها فيئس من أن يكون منها إسعاف به وقوله .
( وإنما يعذر العشاق من عشقا ... ) .
يقول ينبغي للعاشق أن لا ينكر لوم من يلومه فإنه لا يعلم كنه بلوى العاشق ولو كان قد ابتلى بالعشق مثله لعرف ما هو فيه فعذره وقوله .
( ما أنت بالسبب الضعيف وإنما ... نجح الأمور بقوة الأسباب ) .
( فاليوم حاجتنا إليك وإنما ... يدعى الطبيب لساعة الأوصاب ) .
يقول في البيت الأول إنه ينبغي أن أنجح في أمري حين جعلتك السبب إليه وفي الثاني أنا قد طلبنا من جهته حين استعنا بك فيما عرض لنا من الحاجة وعولنا على فضلك كما أن من عول على الطبيب فيما يعرض له من السقم كان قد أصاب في فعله ثم القصر كما يقع بين المبتدأ والخبر كما ذكرناه يقع بين الفعل والفاعل وغيرهما ففي طريق النفي والاستثناء يؤخر المقصور عليه مع حرف الاستثناء كقولك في قصر الفاعل على المفعول إفرادا أو قلبا بحسب المقام ما ضرب زيد إلا عمرا وعلى الثاني لا الأول قوله تعالى ( ما قلت لهم إلا