والدليل على أنها تفيد القصر كونها متضمنة معنى ما وإلا لقول المفسرين في قوله تعالى ( إنما حرم عليكم الميتة والدم ) بالنصب معناه ما حرم عليكم إلا الميتة وهو المطابق لقراءة الرفع لما مر في باب المنطلق زيد ولقول النحاة إنما لإثبات ما يذكر بعدها ونفي ما سواه ولصحة انفصال الضمير معها كقولك إنما يضرب أنا كما تقول ما يضرب إلا أنا .
قال الفرزدق .
( أنا الذائد الحامي الذمار وإنما ... يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي ) .
وقال عمرو بن معديكرب .
( قد علمت سلمى وجاراتها ... ما قطر الفارس إلا أنا ) وقال .
وقال السكاكي ويذكر لذلك وجه لطيف يسند إلى علي بن عيسى الربعي وهو أنه لما كانت كلمة إن لتأكيد إثبات المسند للمسند إليه ثم اتصلت بها ما المؤكدة لا النافية كما يظنه من لا وقوف له على علم النحو ناسب أن يضمن معنى القصر لأن القصر ليس إلا تأكيدا على تأكيد فإن قولك زيد جاء لا عمرو لمن يردد المجيء الواقع بينهما يفيد إثباته لزيد في الابتداء صريحا وفي الآخر ضمنا ومنها التقديم كقولك في قصر الموصوف على الصفة إفرادا شاعر هو لمن يعتقده شاعرا وكاتبا وقلبا قائم هو لمن يعتقده قاعدا وفي قصر الصفة على الموصوف إفرادا أنا كفيت مهمك بمعنى