( فلو أن قومي أنطقتني رماحهم ... نطقت ولكن الرماح أجرت ) .
لأن غرضه أن يثبت أنه كان من الرماح أجرار وحبس للألسن عن النطق بمدحهم والافتخار بهم حتى يلزم منه بطريق الكناية مطلوبة وهو أنها أجرته .
وكقول طفيل الغنوي لبني جعفر بن كلاب .
( جزى الله عنا جعفرا حين أزلقت ... بنا نعلنا في الواطئين فزلت ) .
( أبوا أن يملونا ولو أن أمنا ... تلاقي الذي لقوه منا لملت ) .
( هم خلطونا بالنفوس وألجأوا ... إلى حجرات أدفأت وأظلت ) .
فإن الأصل لملتنا وأدفأتنا وأظلتنا إلا أنه حذف المفعول من هذه المواضع ليدل على مطلوبه بطريق الكناية فإن قلت لا شك أن قوله ألجأوا أصله ألجأونا فلأي معنى حذف المفعول منه قلت الظاهر أن حذفه لمجرد الاختصار لأن حكمه حكم ما عطف عليه وهو قوله خلطونا .
الضرب الثاني أن يكون الغرض إفادة تعلقه بمفعول فيجب تقديره بحسب القرائن ثم حذفه من اللفظ إما للبيان بعد الإبهام كما في فعل المشيئة إذا لم يكن في تعلقه بمفعوله غرابة كقولك لو شئت جئت أو لم أجىء أي لو شئت المجيء أو عدم المجيء فإنك متى قلت لو شئت علم السامع أنك علقت المشيئة بشيء فيقع في نفسه أن هنا شيئا تعلقت به مشيئتك بأن يكون أو لا يكون فإذا قلت جئت أو لم أجىء عرف ذلك الشيء ومنه قوله تعالى ( فلو شاء لهداكم أجمعين )