الآلآء وذكر المنن واللطائف فإذا لم يعلم هذا كله ورضي من نفسه بالقراءة فقط فكأنه العامل يقرأ كل يوم كتاب الملك ويترك ما فيه من المعاني بمنزلة رجل يسلك طريقا قفرا يستقبله عقاب يحتاج إلى قطعها وهو أثقال الصدق في أمره ونهيه ومرة يستقبله مفاوز وهو وعيده ومرة يستقبله فلاة معطشة ومجاعة وهي منازل قوم وصفها في تنزيله ومدحهم بها ومرة يستقبله فضاء من الأرض فيها رياض من خضر وهي ذكر النعم ومرة يستقبله في تلك الأرض بساتين ذات ورد وبان وياسمين وهو ذكر المنن ومرة يهجم على أغراس في تلك البساتين وهي تلك الحظوظ التي هيأ له من آلائه وتلك اللطائف المذكورة ومرة تستقبله أرض شاكة مسبعة وهي ذكر النفوس ومكايد الشيطان .
فهذا القرآن كائن فيه هذه الألوان فمن قرأ القرآن لظهره مرت عليه هذه الأشياء ومر بها وهو عنها سكران أو نائم فيطرب ويظهر السرور في وقت الأحزان والانكسار ويرفع صوته في وقت الخفض والخشوع وينشط في حال الانقباض ويتحازن في وقت السرور والبهجة