وهو يمضغ اللحم فقالت أطعمني منه يا رسول الله فناولها من الذي بين يديه فقالت لا إلا الذي في فمك فأخرج من فمه وناولها فابتلعته المرأة فذهب عنها البذاء وظهرت عليها غضاضة وعفافة وحياء .
فهذا من آدمي أكرمه الله تعالى وطهره فكيف بكلام تكلم به رب العزة ولذلك قال ( وشفاء لما في الصدور ) .
وقد قال في شأن النحل ( يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس ) .
فالذي يلعق العسل يصيبه الشفاء لأن ذلك شراب خرج من جوف من تذلل لوحي الله وسلك سبل ربه الذي سبل له فصار بذلك شفاء للبدن وحلاوة في المطعم فما ظنك بكلام رب العزة .
وإنما يتحير في هذا من كان قلبه سكران عن الله يحب النفس ويحب الشهوات فأما من أفاق من سكره وحيي قلبه بالله فانتبه فهو واجد لهذا .
وكما أن السكران من الشراب لا يجد طعم العسل ولذاذته إذا لعقه فكذا السكران من حب الشهوات لا يجد طعم كلام الله ولا لذاذته ولا يكون له شفاء لا في الفم ولا في الجوف ولا في