ثدي وحجر لم يلتفت إلى واحد منها ما لم يجد ريح أمه فحينئذ يتعلق بثدييها ويدخل في حجرها لأن ريح الأم ريح الرأفة ولذلك قال الصديق لعمر Bهما حين طلق امرأته وأراد أن يأخذ ولده منها فمنعه أبو بكر Bه وقضى به للأم وقال ريحها ولقاحها خير له منك يا عمر .
فالعاقل أيضا لما وجد رائحة رأفة الرؤوف الجواد الكريم ونظر إلى إحسانه لديه لا يلتفت إلى شيء سواه حتى يصل إليه فهذا الصادق في قول لا إله إلا الله علم أن الأشياء التي تضر وتنفع كلها من الله فلم يتعلق قلبه بشيء من أسباب الضر والنفع ورد وله قلبه في تلك الأشياء إلى ألوهية الله تعالى لأنه عاين أن هذه الأودية كلها تتفجر من تلك العين وبقدر ما ينصب من تلك العين التي منها تسيل هذه الأودية فلم يغتر بالأودية ومن حجب عن رؤية تلك لم يجد قرارا لكثرة ملاحظته الأودية واديا واديا فمتى يستفرغ رؤية الأودية ومتى يقدر أن يتعلق بشيء منها لأن كل واد يدعوه إلى نفسه فقلبه ذو شعب ونفسه غير مطمئنة إلى شيء منهم فهي كالريشة يطير مرة إلى هذا ومرة إلى هذا إلى ما لا يتناهى