قال فإنما مثلتهما بكوزين لأن الكوز وعاء للماء والأعمال وعاء الحق والباطل فعمل رضي الله به وأمرك به وأحبه فالحق فيه وذلك العمل وعاء ذلك الحق فأي ماء أعذب وأبرد وأصفى وأهنأ وأمرى من الحق .
وفعل آخر زجر الله تعالى عنه وسخطه وأبغضه ونهاك عنه ومقت فاعله فالباطل فيه وذلك وعاء ذلك الباطل فمثلهما كمثل الكوزين في يدي ذلك على ما وصفنا أخذهما رجل بيده على ما وصفنا فمن آثر كوز البول على كوز الماء العذب الهنيء المريء لم يوضع أمره إلا على الجنون أو السكر فمن آثر الباطل على الحق لدنيا يصيبها أو لنفس يغرها ويباهي بها فإنما هو لأحد أمرين إما أن تكون المعرفة قد اختبأت فيه فهو منافق شاك في ربه أو مما يشرب صرفا من حلاوة حب الدنيا فأسكرته ولذلك قال رسول الله ( حبك الشيء يعمي ويصم ) فإذا أصمه وأعماه نافق فإذا آثر الباطل انمحق الباطل وزهق وإن الباطل كان زهوقا وتلاشت الدنيا عنه وبطل ملكه بها وانتقلت إلى غيره ونفسه الطالبة للعز والجاه عادت جيفة منتنة ملأ بطنه صديد وديدان