أمر الله على نوعين .
فأمره على نوعين فأمر منه موافق طبعه كقوله ( كلوا واشربوا . . . ) الآية فتهتش إليه النفس وتسر به .
وأمر يتثاقل عليه ويتباطأ كقوله صم عن الأكل والشرب فمن ساكن قلبه حب الله تعالى وعظمته وجلالته فشرب قلبه حلاوة الأمر لأن حلاوة الحب تحليه وعظمته تعظمه وجلاله يجله فتعمل الأركان على ما في الصدر والقلب فإن كان هذا الأمر محبوبا فهذه صفته وإن كان مكروها لاحظت عين فؤاده رحمة الله ورأفته عليه فمر في ذلك الأمر كالسهم وهانت عليه أثقالها ورأى أن أباه إذا أقعده بين يدي الختان ليختنه أو بين يدي الحجام ليحجمه أو بين يدي الطبيب ليشربه دواء من الأدوية المرة البشعة فلم يخل من وجع وألم وأذى ولكن لم يتهم والده في ذلك لما علم من رأفته وشفقته عليه فكذا لما رأى من رأفة الله ورحمته وشفقته عليه لا يتهمه بهذا الأمر وإن كان غير موافق طبعه فقبله مسرعا وقام به على الاهتشاش .
فهذا أمير وافى قلبا غنيا وصدرا عامرا ونفسا طيبة نزهة ومن كان بخلاف تلك الصفة فقد وافى أمره قلبا خربا وصدرا ذا مروج وخنازير ونفسا بطالة شرهة وعقلا معتوها بالهوى فأمر الله جلا وعلا على هذه الأركان كما كان أمر الله على المنافقين الذين كانوا