انكسفت فذهب ضوؤها وإشراقها فإذا انجلت عن الكسوف عاد إليها مضيئا .
فكذا المعرفة إذا غشيتها الكبائر فقد انكسفت شمسك فصرت في ليل دامس فلو اجتنبت الكبائر دون الصغائر وهي السيئات فأنت في نهارك في سحاب وغيوم فلو دام هذا الغيم والسحاب لم ينعقد لك حبة من حبوب الأرض ولا نضجت ثمرة من أثمار أشجارك ووجدت الآدمي مقسوما على ثلاثة أجزاء .
قلب بما فيه من الإيمان وروح بما فيه من الطاعة ونفس بما فيها من الشهوة والقلب يقتضي الإيمان والروح تقتضي الطاعة والنفس تقتضي شكر النعم والعبد مقصر في الثلاث كلها فحبه لربه يوفي تقصيراته فكلما كان حبه أوفر كان أثمر لتوفير تقصيراته لأن أصل المعرفة قائمة لكنها متغيمة فإذا أحببتها كلها عملت بلا تقصير فلا تحتاج إلى التوفير .
ومثل ذلك مثل عبدين لك اقتضيتهما الإقرار لك بالعبودة والاستقامة بين يديك واقتضيتهما ما وظفت عليهما من الخراج واقتضيتهما شكرك فقصرا في جميع ذلك وكان أحدهما أظهر حبا لك من الآخر فإن كان أحدهما أكثر عملا والآخر أقل فنظرت إلى قلته وقلت في نفسك وهذا يحبنا فنحن نقبل منه بحبه إيانا موفرا