الالتفات إلى النفس وزينها في ذلك يقينها فأدت ذلك الوعظ مع سلطانه إلى القلوب ورمى كل غبار ورماد على جمرة الإيمان لأن الشهوات لا بقاء لها مع السلطان .
وإذا أورد القلب سلطانه على الصدر خافت النفس فسكنت عن تلظيها فانقطع دخانها وانكشفت الجمرة عن غطائها وغبارها فتلظت وأضاء الصدر واستحر القلب فأبصرت أعين فؤاد السامعين الذي خلصت إلى قلوبهم النفخة صورة تلك الأشياء التي وصفها الواعظ فصارت أمور الآخرة معاينة على تلك القلوب فأجابت القلوب منهم والنفوس إلى ما دعوا إليه من الصدق والوفاء لله تعالى فما دام الواعظ بهذه الصفة فإجابة القلوب له خوفا وإلقاء باليدين سلما لأنه وصل إلى قلوبهم خوف السلطان الذي كان في قلب الواعظ فصار كالنافخ بالكير بالمنفخ الكبير الذي ليس فيه خروق ولكن مع هذا لا يؤمن عليهم الارتداد على العقبين والرجوع عن هذه الأحاديث إلى إجابة النفوس إذا سكن عنهم الخوف دعتهم إلى فتنة تعرض لهم من الشهوات بشيء .
فإذا انتقل الواعظ عن هذه الدرجة إلى درجة أعلى من هذه حتى ولج منازل المحبين ووصل إلى الملك واحتظى من مجالس ملك الملك وشرب من الكأس الأوفى من شراب خالقه وهو