فيتخير من بين العبيد من له زيادة بسطة في الجسم غليظ الرقبة يقدر بالأحمال الثقيلة على رقبته وسبق على العبيد بالشخص والبطش فاشتراه بالثمن الغالي وأقامه بالخدمة بين يديه وصير له مقاما معلوما فإذا يكون قد سقم فما زال السقم حتى أثر في بدنه فزال عنه قوة البطش والحمل ورق عظمه وصارت قدماه من الرعشة والرجفة حتى عجز عن القيام بين يدي سيده وعجز عن الخدمة فتراجعت قيمته وصار أمره على خطر الموت .
فالمؤمن لما جاءه نور الهداية استقام قلبه لله عبودة مؤمنا بقلبه مسلما بأركانه فقد استقرت قدما قلبه بين يدي الله تعالى للخدمة فاذا جاءته الشهوات مع هبوب ريحها فرجفت بقلبه ومازجت حلاوة الشهوات ولذات الهوى حلاوة الحب الذي في إيمانه وضعف قلبه وصارت تلك الحلاوة واللذة التي جاءت من قبل الشهوة مرضا للقلب فضعف القلب لأن قوته كانت من حرارة ذلك الحب وحلاوته وقوة 73 الفرح الذي في ذلك الحب فرجفت قدماه وارتعشت فإذا جاءته المكروهات ضعف قدمه عن احتمالها ودقت رقبته وذهبت قوة بطشه بقلبه وعجز عن القيام بين يدي الله تعالى لأن هواه وشهواته تردانه إلى المنى