فمن كان لسانه منه على بال ورد شهوة الكلام عن نفسه فقد نجا من أمر عظيم .
وكذا في سائر الجوارح يسد على كل جارحة أبواب فضولها حتى تهدأ جوارحه فصار كمن سد الكوة ورد الباب فسكنت الذبان عنه فكلما فتح الكوة والباب عدن إلى الطيران فهذا دأبه إلى يوم الموت .
فهذا شأن أهل العزلة حسموا أبواب الشهوات بالعزلة عن الخلق حتى هدأت الجوارح وبقوا في الزوايا فمن من الله عليه بالنعمة العظمى وبالحرمة التي إذا ورد على القلب نورها خمدت جميع حرارة الشهوات وذبلت وتهافتت بمنزلة البرد الذي هجم على مكان الذباب فتهافتت فإذا برد القلب بخمود النفس وخلا الصدر من حرارة الشهوات وصورهن على عيني الفؤاد في صدره صار الصدر كمفازة جرداء وطهر من أدناس الشهوات فعندها جلبت عليه الرحمة تلك الأنوار الملكوتية فاشتعل في قلبه حريقها فاستنار الصدر بها حتى حمي الصدر وصار بمنزلة التنور الخالي من