باطنهما فحضر الكرم فوجدهما في ظلال بين الثمار والأعناب والوقت وقت الظهيرة فبعثهما إلى الحصاد والدياس فمر أحدهما من ساعته مسرعا ممتثلا أمره والآخر أخذ في التلكؤ والتغافل فعلم من رأيهما بعد الامتحان أن ذلك الأول ممن أطاع مولاه على الصفاء والإخلاص والآخر على هوى نفسه فلما استقبله خلاف هواه ترك طاعته وتأنى بالكسل والتثاقل فهذا تابع هواه .
فكذلك العبيد عند الله تعالى من عبد الله تعالى للهوى وللنفس فيه نصيب يمر فيه وإذا أتاه أمر يثقل عليه هرب منه وضيع الحق فإذا أتاه محبوب سارع إليه فلا يكون هذا من المحقين أبدا .
مثل موسرين ينفق أحدهما فيما يهوى وينفق الآخر في وجوه الخير .
مثل الموسرين أحدهما ينفق ماله في هوى نفسه والآخر ينفق ماله في وجوه الخير من إطعام الطعام وصلة الأرحام ومصارف الحق وأشباه ذلك مثل رجلين دعاهما الملك فأودع كل واحد منهما خزانة فقال أمسكا واحفظا فمن جاءكما برقعتي فأعطياه ما في الرقعة مقدارها وها هنا عسكران عسكري وعسكر العدو فإياكما أن تصرفا شيئا من هذا المال إلى عسكر العدو