والنفس بما فيها من الهوى تدعو إلى الشهوات ولذات الدنيا وهي الفانية التي توجب عليك غدا الحساب الثقيل والحبس الطويل والسؤال المهيل فمن قلت كنوزه استولت النفس على قلبه ووهنت إمرته وأخذت بعنانه فسبته فبينما هو أمير إذ هو أسير في يدي الخارجي فعندها يعطل التدبير وخربت الكورة وضاعت الرعية فبان العلم .
وإن النفس محتاجة إذ كانت بهذه الحال والقلب قليل الكنوز وإذا قلت الكنوز قلت الجنود وتفرق الحراس وضاعت السياسة فالنفس محتاجة إلى أن تشتغل بالأعمال المتعبة الشاغلة لها حتى لا تصل إلى الفساد .
فلو أن هذا الأمير عرف أن هذا الخارجي ممن لا يؤمن خروجه عليه وهو في جواره وبلدته فأخذ الأمر بالحزم فعمد إلى كل من يجالسه ويثق به ويستظهر به فحا بينه وبينه وعمد إلى أسلحته فأخذها منه وقلده أمورا أتعبه فيها وشغله عن الفكر في ذلك الأمر الذي يتخوف منه فكذلك عامل الله إذا لم يفتح له الباب فيطالع فيكثر كنوزه ويجم علمه بالله وخاف نفسه أن تخرج