أدهم ثم جاءوا به وهو معروض على بعير حتى انتهوا به إلى الوقبى فدفعوه إلى الجلاني ولم يمت بعد فقالوا انطلقوا به معكم إلى بلادكم ولا تحدثوا في أمره شيئا حتى تنظروا ما يصنع بصاحبكم فإن مات فاقتلوه وإن حيي فأعلمونا حتى نحمل لكم أرش الجناية فقال الجلانيون وفت ذمتكم يا بني جعدة وجزاكم الله أفضل ما يجزي به خيار الجيران إنا نتخوف أن ينزعه منا قومكم إن خليتم عنا وعنهم وهو في أيدينا فقال لهم معاذ فإني أحمله معكم وأشيعكم حتى تردوا بلادكم ففعلوا ذلك فحمل معروضا على بعير وركبت أخته جماء بنت الأسعر معه وجعل يقول قتلتني بنو جعدة وتأتيه أخته بمغرة فيشربها فيقال يمشي بالدم لأن بني جعدة فرثوا كبده في جوفه .
فلما بلغوا أدنى بلاد بكر بن وائل قال الجلانيون لمعاذ وأصحابه أدام الله عزكم وقد وفيتم فانصرفوا وجعل هلال يريهم أنه يمشي في الليلة عشرين مرة فلما ثقل الجلاني وتخوف هلال أن يموت من ليلته أو يصبح ميتا تبرز هلال كما كان يصنع وفي رجله الأدهم كأنه يقضي حاجة ووضع كساءه على عصاه في ليلة ظلماء ثم اعتمد على الأدهم فحطمه ثم طار تحت ليلته على رجليه وكان أدل الناس فتنكب الطريق التي تعرف ويطلب فيها وجعل يسلك المسالك التي لا يطمع فيها حتى انتهى إلى رجل من بني أثاثة بن مازن يقال له السعر بن يزيد بن طلق بن جبيلة بن أثاثة بن مازن فحمله السعر على ناقة له يقال لها ملوة فركبها ثم تجنب بها الطريق فأخذ نحو بلاد قيس بن عيلان تخوفا من بني مازن أن يتبعوه أيضا فيأخذوه فسار ثلاث