يذوق فيما بين ذلك طعاما ولا شرابا وكان عادي الخلق لا توصف صفته قال خالد بن كلثوم فحدثنا عنه من أدركه أنه كان يوما في إبل له وذلك عند الظهيرة في يوم شديد وقع الشمس محتدم الهاجرة وقد عمد إلى عصاه فطرح عليها كساءه ثم أدخل رأسه تحت كسائه من الشمس فبينا هو كذلك إذ مر به رجلان أحدهما من بني نهشل والآخر من بني فقيم كانا أشد تميميين في ذلك الزمان بطشا يقال لأحدهما الهياج وقد أقبلا من البحرين ومعهما أنواط من تمر هجر وكان هلال بناحية الصعاب فلما انتهيا إلى الإبل ولا يعرفان هلالا بوجهه ولا يعرفان أن الإبل له ناديا يا راعي أعندك شراب تسقينا وهما يظنانه عبدا لبعضهم فناداهما هلال ورأسه تحت كسائه عليكما الناقة التي صفتها كذا في موضع كذا فأنيخاها فإن عليها وطبين من لبن فاشربا منهما ما بدا لكما .
قال فقال له أحدهما ويحك انهض يا غلام فأت بذلك اللبن فقال لهما إن تك لكما حاجة فستأتيانها فتجدان الوطبين فتشربان قال فقال أحدهما إنك يابن اللخناء لغليظ الكلام قم فاسقنا ثم دنا من هلال وهو على تلك الحال .
وقال لهما حيث قال له أحدهما إنك يابن اللخناء لغيظ الكلام أراكما والله ستلقيان هوانا وصغارا وسمعا ذلك منه فدنا أحدهما فأهوى له ضربا بالسوط على عجزه وهو مضطجع فتناول هلال يده فاجتذبه إليه ورماه تحت فخذه ثم ضغطه ضغطة فنادى صاحبه ويحك أغثني قد قتلني فدنا صاحبه منه فتناوله هلال أيضا فاجتذبه فرمى تحت فخذه الأخرى ثم أخذ برقابهما فجعل يصك برؤوسهما