أعرف أخبار هؤلاء العدائين فأتحدث بها فقالوا نحدثك بخبره إن تأبط شرا كان أعدى ذي رجلين وذي ساقين وذي عينين وكان إذا جاع لم تقم له قائمة فكان ينظر إلى الظباء فينتقي على نظره أسمنها ثم يجري خلفه فلا يفوته حتى يأخذه فيذبحه بسيفه ثم يشويه فيأكله وإنما سمي تأبط شرا لأنه فيما حكي لنا لقي الغول في ليلة ظلماء في موضع يقال له رحى بطان في بلاد هذيل فأخذت عليه الطريق فلم يزل بها حتى قتلها وبات عليها فلما أصبح حملها تحت إبطه وجاء بها إلى أصحابه فقالوا له لقد تأبطت شرا فقال في ذلك .
شعره في غول تأبطها .
( تأَبَّط شرّاً ثم راح أو اغْتَدى ... تُوائم غُنْما أو يَشِيف على ذَخْل ) .
يوائم يوافق ويشيف يقتدر وقال أيضا في ذلك .
( ألا مَنْ مُبلغٌ فِتيانَ فَهمٍ ... بما لاقيتُ عند رَحَى بطانِ ) .
( وأنِّي قد لقيتُ الغولَ تهوي ... بسَهْب كالصحيفة صحصحانِ ) .
( فقلت لها كلانا نِضْو أَيْنٍ ... أخو سفر فخلّي لي مكاني ) .
( فشدَّت شدَّةً نحوي فأَهْوَى ... لها كفّي بمصقولٍ يَماني ) .
( فأَضربها بلا دَهَشٍ فَخَرّت ... صريعاً لليدين وللجِرانِ ) .
( فقالت عُد فقلت لها رُوَيداً ... مكانَك إنني ثَبْتُ الجنانِ ) .
( فلم أنفكَّ مُتّكِئاً عليها ... لأنظر مُصبِحاً ماذا أتاني )