ابن قطن قال فجهزنا وحملنا إليه فلما نزلنا عمان أبصرنا غديرا وقصورا فقعدنا على الغدير وتحدثنا وذكرنا المدينة فخرجت جارية من بعض تلك القصور ومعها جرة تريد أن تستقي فيها ماء قال الأحوص فتغنت بمدحي في عمر بن عبد العزيز .
( يا بيت عاتكةَ الذي أتعزل ... ) .
فتغنت بأحسن صوت ما سمعته قط ثم طربت فألقت الجرة فكسرتها فقال معبد غنائي والله وقلت شعري والله فوثبنا إليها وقلنا لها لمن أنت يا جارية قالت لآل سعيد بن العاص وفي خبر جرير المعني لآل الوليد بن عقبة ثم اشتراني رجل من آل الوحيد بخمسين ألف درهم وشغف بي فغلبته بنت عم له طرأت عليه فتزوجها على أمري فعاقبت منزلتها بمنزلتي ثم علا مكانها مكاني فلم تزدها الأيام إلا ارتفاعا ولم تزدني إلا اتضاعا فلم ترض منه إلا بأن أخدمها فوكلتني باستقاء الماء فأنا على ما تريان أخرج أستقي الماء فإذا رأيت هذه القصور والغدران ذكرت المدينة فطربت إليها فكسرت جرتي فيعذلني أهلي ويلومونني قال فقلت لها أنا الأحوص والشعر لي وهذا معبد والغناء له ونحن ماضيان إلى أمير المؤمنين وسنذكرك له أحسن ذكر وقال جرير في خبره ووافقه وكيع ورواية عمر بن شبة قالوا فأنشأت الجارية تقول .
( إن تروني الغداةَ أسعى بجرٍّ ... أستَقِي الماء نحو هذا الغدير ) .
( فلقد كنتُ في رخاء من العيش ... وفي كل نعمةٍ وسُرورِ ) .
( ثم قد تُبصِران ما فيه أمْسَيْتُ ... وماذا إليه صار مَصِيري ) .
( فإلى الله أَشتكي ما ألاقي ... من هَوانٍ وما يُجِنُّ ضَمِيري ) .
( أبلغا عَنّي الإمامَ وما يعرف ... صِدقَ الحَديث غيرُ الخَبير )