السلام عليك قال وعليك السلام ما وراءك قلت ما ورائي من شيء قال لا عليك فأخبرني بما فعلت فاقتصصت عليه القصة حتى انتهيت إلى ذكر المرأة وأخبرته بالذي صنعت فقال قد أصبت طلبتك فعجبت من قوله وأنا لم أجد شيئاً ثم سألني عن صفة الإناءين الصحفة والقدح فوصفتهما له فتنفس الصعداء وقال قد أصبت طلبتك ويحك ثم ذكرت له الشجرة وأنها رأتها تطيف بها فقال حسبك فمكثت حتى إذا أوت إبلى إلى مباركها دعوته إلى العشاء فلم يدن منه وجلس مني بمزجر الكلب فلما ظن أني قد نمت رمقته فقام إلى عيبة له فاستخرج منها بردين فأتزر بأحدهما وتردى بالآخر ثم انطلق عامدا نحو الشجرة واستبطنت الوادي فجعلت أخفي نفسي حتى إذا خفت أن يراني انبطحت فلم أزل كذلك حتى سبقته إلى شجرات قريب من تلك الشجرة بحيث أسمع كلامهما فاستترت بهن وإذا صاحبته عند الشجرة فأقبل حتى كان منها غير بعيد فقالت اجلس فو الله لكأنه لصق بالأرض فسلم عليها وسألها عن حالها أكرم سؤال سمعت به قط وأبعده من كل ربية وسألته مثل مسالته ثم أمرت جارية معها فقربت إليه طعاما فلما أكل وفرغ قالت أنشدني ما قلت فأنشدها .
( عَلِقتُ الهَوى منها وَلِيداً فلم يزل ... إلى اليومِ يَنْمي حبُّها ويزيدُ ) .
فلم يزالا يتحدثان ما يقولان فحشا ولا هجرا حتى التفتت التفاتة فنظرت إلى الصبح فودع كل واحد منهما صاحبه أحسن وداع ما سمعت به قط ثم انصرفا فقمت فمضيت إلى إبلي فاضطجعت وكل واحد منهما يمشي خطوة ثم يلتفت إلى صاحبه فجاء بعدما أصبحنا فرفع برديه ثم قال يا أخا بني تميم حتى متى تنام فقمت وتوضأت وصليت وحلبت إبلي وأعانني عليها وهو أظهر الناس سرورا ثم