نلقيها على الناس إلقاء ونودعها الثقة وغير الثقة فكان ممن أودعته سعيد بن وهب وكان رجلاً صعلوكاً لا مال له إنما صحبنا على البطالة فظننت أن ما أودعته ذاهب ثم طلبته منه بعد حين فجاءني والله بخواتيمه .
وأودعت علي بن الهيثم كاتبنا جملة عظيمة وكان عندي أوثق من أودعته فلما أمنت طالبته بالوديعة فجحدنيها وبهتني وحلف على ذلك فصار سعيد عندي في السماء وبلغت به كل مبلغ وسقط علي بن الهيثم فما يصل إلي ولا يلقاني .
أخبرني جعفر بن قدامة قال حدثني حماد بن إسحاق عن أبيه حدثني عمرو بن بانة قال .
كان في جواري رجل من البرامكة وكانت له جارية شاعرة ظريفة يقال لها حسناء يدخل إليها الشعراء ويسألونها عن المعاني فتأتي بكل مستحسن من الجواب فدخل إليها سعيد بن وهب يوماً وجلس إليها فحادثها طويلاً ثم قال لها بعد ذلك .
( حاجَيْتك يا حَسْناءُ ... في جِنْسٍ من الشِّعر ) .
( وفيما طُولُه شِبرٌ ... وَقد يُوفي على الشِّبر ) .
( له في رأسِه شَقٌ ... نَطُوفٌ بالنَّدَى يجري ) .
( إذا ماجَفّ لم يَجْر ... لَدَى بَرٍّ ولا بَحْر ) .
( وإنْ بُلَّ أتَى بالعجب ... العاجب والسِّحرِ ) .
( أجيبي لم أُردْ فُحْشاً ... وربِّ الشفع والوتر )