وروى حماد بن إسحاق عن أبيه قال حج نصر بن سيار وأخرج معه أبا الهندي فلما حضرت أيام الموسم قال له أبا الهندي إنا بحيث ترى وفد الله وزوار بيته فهب لي النبيذ في هذه الأيام واحتكم علي فلولا ما ترى ما منعتك فضمن له ذلك وغلظ عليه الإحتكام ووكل به نصر بن سيار فلما انقضى الأجل مضى في السحر قبل أن يلقى نصراً فجلس في أكمة يشرف منها على فضاء واسع فجلس عليها ووضع بين يديه إداوة وأقبل يشرب ويبكي ويقول .
( أَدِيرا عليّ الكأس إلي فقْدتها ... كما فقد المَفطْومُ درَّ المَراضِع ) .
( حليف مُدامٍ فارق الراحُ روحَه ... فظل عليها مستهِل المَدامع ) .
قال وعاتب قوم أبا الهندي على فسقه ومعاقرته الشراب فقال .
( إذا صليّتُ خمساً كلَّ يومٍ ... فإنّ الله يغفر لي فُسُوقي ) .
( ولَم أَشركْ بِرَبِّ الناسِ شيئاً ... فقد أمسكت بالدِّين الوثيق ) .
( وجاهدتُ العَدُوّ ونِلْتُ مالاً ... يبَلِّغُني إلى البيت العتيق ) .
( فهذا الدين ليس به خفاء ... دَعُوني من بُنَيّات الطريق ) .
قال إسحاق وشرب يوماً أبو الهندي بكوه زيان عند خمارة هناك وكان