الله D وأئثنت عليه فما رأيت متكلماً ولا متكلمة قبلها ولا بعدها أبلغ منها ثم قالت .
يا أخي إني لم أزل أراك معرضاً عني منذ قبضت هذين الصبيين منك ووالله ما قبضتهما تطاولاً عليك ولا تهمة لك فيهما ولا لشيء تكرهه ولكنك كنت رجلاً ذا نساء وكانا صبيين لا يكفيان من أنفسهما شيئاً فخشيت أن يرى نساؤك منهما ما يتقذرن به من قبيح أمر الصبيان فكنت ألطف لذلك وأحق بولايته فقد قويا على أنفسهما وشبا وعرفا ما يأتيان فهاهما هذان فضمهما إليك وكن لهما كحجية بن المضرب أخي كندة فإنه كان له أخ يقال له معدان فمات وترك أصيبية صغاراً في حجر أخيه فكان أبر الناس بهم وأعطفهم عليهم وكان يؤثرهم على صبيانه فمكث بذلك ما شاء الله ثم إنه عرض له سفر لم يجد بداً من الخروج فيه فخرج وأوصى بهم امرأته وكانت إحدى بنات عمه وكان يقال لها زينب فقال اصنعي ببني أخي ما كنت أصنع بهم ثم مضى لوجهه فغاب أشهراً ثم رجع وقد ساءت حال الصبيان وتغيرت فقال لامرأته ويلك مالي أرى بني معدان مهازيل وأرى بني سماناً قالت قد كنت أواسي بينهم ولكنَّهم كانوا يعبثون ويلعبون فخلا بالصبيان فقال كيف كانت زينب لكم قالوا سيئة ما كانت تعطينا من القوت إلا ملء هذا القدح من لبن وأروه قدحاً صغيرأً فغضب على امرأته غضباً شديداً وتركها حتى إذا أراح عليه راعياً إبله قال لهما اذهب فأنتما وإبلكما لبني معدان فغضبت من ذلك زينب وهجرته وضربت بينه وبينها حجاباً فقال والله لا تذوقين منها صبوحاً ولا غبوقاً أبداً وقال في ذلك