ولي خالد بن يزيد بن حاتم بن قبيصة بن المهلب جرجان فسأل يزيد بن حاتم أبا عيينة أن يصحبه ويخرج معه ووعده الإحسان والولاية وأوسع له المواعيد وكان أبو عيينة جنديا فجرد اسمه في جريدته وأخرج رزقه معه فلما حصل لجرجان أعطاه رزقه لشهر واحد واقتصر على ذلك وتشاغل عنه وجفاه فبلغه أنه قد هجاه وطعن عليه وبسط لسانه فيه وذكره بكل قبيح عند أهل عمله ووجوه رعيته فلم يقدر على معاقبته لموضع أبيه وسنه ومحله في أهله فدعا به وقال له إنه قد بلغني أنك تريد أن تهرب فإما أن أقمت لي كفيلاً برزقك أو رددته فأتاه بكفيل فأعنته ولم يقبله ولم يزل يردده حتى ضجر فجاءه بما قبض من الرزق فأخذه ولجّ أبو عيينة في هجائه وأكثر فيه حتى فضحه فقال في هذا عن أحمد بن يزيد المهلبي .
( دنيا دعوتك مسرْعاً فأجيبي ... وبما اصطفَيتُك في الهوى فأثيبي ) .
( دومي أَدُمْ لك بالصفاء على النوَى ... إني بِعهدكِ واثقٌ فثقي بي ) .
( ومِن الدليل على اشتياقي عَبْرتي ... ومَشيبُ رأسي قبلَ حينِ مشيبي ) .
( أبْكي إليك إذا الحمامةُ طَرّبت ... يا حسَن ذاك إليّ من تطريب ) .
( تبكي على فَنَنِ الغصونِ حزينةً ... حُزنَ الحبيبة من فِراق حبيب ) .
( وأنا الغريبُ فلا أُلامُ على البُكا ... إن البُكا حسَنٌ بِكلِّ غريب ) .
( أفلا يُنَادَى للقِفُول بِرحلة ... تَشفي جَوىً من أنفسٍ وقلوب ) .
( مالي اصطفَيت على التعسفِ خالداً ... واللهِ ما أنا بعدَها بأريب ) .
( تبّاً لصحبة خالدٍ من صحبة ... ولِخَالدِ بنِ يزيدَ من مصحوب )