عامر بمكة ولم يكن قبلهما ولا بعدهما مثلهما فرأتاه يوما يعصر عينيه ويبكي فقالتا له مالك تبكي فذكر لهما ما صنع به ابن سريج فقالتا له لا أرقأ الله دمعك ألزز رأسك بين ما أخذته عنه وبين ما تأخذه منا فإن ضعت بعدها فأبعدك الله .
الغريض من الأربعة المشهورين في الفناء .
قال إسحاق وحدثني أبو عبد الله الزبيري قال رأيت جريرا في مجلس من مجالس قريش فسمعته يقول كان المغنون بمكة أربعة فسيد مبرز وتابع مسدد فسألناه عن ذاك فقال كان السيد أبو يحيى بن سريج والتابع أبو يزيد الغريض .
وكان هناك رجل عالم بالصناعة فقال كان الغريض أحذق أهل زمانه بمكة بالغناء بعد ابن سريج وما زال أصحابنا لا يفرقون بينهما لمقاربتهما في الغناء .
قال الزبيري وقال بعض أهلي لو حكمت بين أبي يحيى وأبي يزيد لما فرقت بينهما وإنما تفضيلي أبا يحيى بالسبق فأما غير ذلك فلا لأن أبا يزيد عنه أخذ ومن بحره اغترف وفي ميدانه جرى فكان كأنه هو ولذلك قالت سكينة لما غنى الغريض وابن سريج .
( عُوجِي علينا رَبّة الهودَج ... ) والله ما أفرق بينكما وما مثلكما عندي إلا كمثل اللؤلؤ والياقوت في أعناق الجواري الحسان لا يدري أي ذلك أحسن .
قال إسحاق وسمعت جماعة من البصراء عند أبي يتذاكرونهما فأجمعوا على أن الغريض أشجى غناء وأن ابن سريج أحكم صنعة