وابنه عبد الله عنده فقلت له مالك أمتع الله بك قال لا يفلح والله ابني عبد الله أبداً فظننته قد جنى جناية وجعلت أعتذر إليه فقال ذنبه أعظم من ذلك وأشنع فقلت وما ذنبه قال جاءني بعض غلمان فحدثني أنه رآه بقطربل يشرب نبيذ الداذي بغير غناء فهل هذا فعل من يفلح فقلت له وأنا أضحك سهلت علي القصة قال لا تقل ذاك فإن هذا من ضعة النفس وسقوط الهمة فكنت إذا رأيت عبد الله بعد ذلك في جملة المغنين وشاهدت تبذله في هذه الحال وانخفاضه عن مراتب أهله تذكرت قول أبيه فيه .
قال وسمعته يوما يغني بصنعته في شعر أبي العتاهية .
صوت .
( أنا عبدٌ لها مُقِرٌّ وما يَمْلِك ... غيرُها من النَّاس رِقا ) .
( ناصحٌ مُشفِقٌ وإن كنتُ ما أُرزق ... منها والحمدُ للهِ عِتْقا ) .
( ليتَني مُتُّ فاسترحْتُ فإنّي ... أبداً ما حَيِيتُ منها مُلقَّى ) .
لحن عبد الله بن العباس في هذا الشعر رمل .
أخبرني جعفر بن قدامة قال حدثني علي بن يحي وأحمد بن حمدون عن أبيه وأخبرني جحظة عن أبي عبد الله الهاشمي أن إسحاق الموصلي دخل يوماً إلى الفضل بن الربيع وابن ابنه عبد الله بن العباس في حجره قد أخرج إليه وله نحو السنتين وأبوه العباس واقف بين يديه فقال إسحاق للوقت